السر في سورة الضحى

السر في سورة الضحى

 السر في سورة الضحى

ما زالت سورة الضحى قادرة على أن تدهشني في كل مرةٍ أرددها، سواءً في صلاة، أو مع ذاتي، أو حتى إذا قالها أحدهم فاستمعت له. سر الدهشة في عظمة الدروس التي تمر إلى داخلي من الآيات الـ11، فأظن أنني انتهيت من دروسها، حتى تأتي المرة التالية بدروس أعظم، وذلك بفعل المواقف المختلفة التي أمر بها في حياتي.

تعلمني الصبر دائمًا، وذلك لأن قسم الله عز وجل بالضحى، وبعد ذلك "وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى" يعني أنّه يجب علينا أن ننتظر، مأساة في حياتنا هي التعجل والتسرع، نريد للأشياء أن تحدث في الوقت الذي نتمناه، لكنها تحدث في الوقت الذي يريده الله لنا، وهذا أعظم بالتأكيد.

فإذا صبرت، أتت الطمأنينة والطبطبة في أعظم صورها "مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى"، فالله يخبرك أنه لم يتركك أبدًا، ويخبئ لك الخير "وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى"، والأمر لا يقتصر فقط على الآخرة أي يوم القيامة، لكنّه يشمل آخرة كل شيء مقارنةً ببدايته، فحتى إذا ظننت أن الأمر انتهى، يحدث شيئًا جديدًا يؤكد لي هذا الخير بصورة أعظم، ومن هنا يأتي الرضا "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى"، فيعطيك الله فترضى مرةً أخرى، وهكذا يستمر الأمر، فإذا تقبلت ما منحك الله إياه، يمنحك شيئًا أعظم.

ثم ختام السورة بـ6 آيات تعلمني درسًا هامًا، أن الله يمنحك فيجب عليك أنت أيضًا أن تساعد الآخرين، ألا نتعامل مع الحياة بفردية أبدًا، بل يجب أن نفكر فيمن يعيشون معنا، فهكذا تكتمل الحياة.

"أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى" ماذا علينا أن نفعل؟ "فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ"

"وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى" ماذا علينا أن نفعل؟ "وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ"

"وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى" ماذا علينا أن نفعل؟ "وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ"

هذه المقابلات الثلاثة تكفي تمامًا لتؤكد لي على أن المساعدة في الحياة هي ليست رفاهية على الإطلاق، لكنها يجب أن تكون جزء من حياتنا دائمًا، وأننا إذا قررنا أن نحاكم الآخرين، فعلينا أن نتذكّر أين كنّا نحن أيضًا، وكيف منّ الله علينا فخرجنا من هذا الموقف، فلماذا نفعل شيئًا آخر مع الآخرين؟

الصبر، فالطمأنينة والطبطبة، ثم الرضا، وبعد ذلك مساعدة الآخرين. وبين هذه المشاعر والأفعال تُوجد الحياة الحقيقية. أو هكذا أؤمن أنا وأحاول أن أجعلها منهجًا في حياتي.

 

أعجبك المقال , قم بالان بالاشتراك في النشرة البريدية للتوصل بالمزيد

التعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق

مقالات مشابة
عن الناشر

حاصل على ليسانس حقوق، كاتب. 24 سنة

مقالات حالية
أبريل 18, 2024, 10:49 ص عبدالرحمن
مارس 30, 2024, 2:32 م Shady Shaker
مارس 27, 2024, 1:58 ص نوره محمد
فبراير 28, 2024, 11:35 ص بسيونى كشك
فبراير 28, 2024, 11:31 ص بسيونى كشك
فبراير 28, 2024, 11:25 ص بسيونى كشك
فبراير 22, 2024, 7:36 م بسيونى كشك
فبراير 21, 2024, 9:31 م بسيونى كشك