مع نهاية عام2021، وهو العام الذي شهد أكبر موجة في النمو الاقتصادي للشركات التي تعتمد على الانترنت سواءً لبيع منتجاتها او خدماتها او مستخدميها!!
نعم هذا صحيح، هناك الكثير من الشركات التي تعمل على الانترنت، دون وجود منتج واضح وصريح ناتج عن عملها، وهو ما يؤكد نظرية "if you’re not buying anything, and you’re not selling anything, then you are the product" أي ان مواقع مثل امازون تبيع البضائع وهو منتجها ومواقع مثل أي-باي تبيع وتشتري البضائع أما مواقع مثل فايسبوك وانستغرام وغيرها لا يوجد ما تبيعه سوا معلوماتك الشخصية.
تبدو هذه المقدمة غير ملائمة للعنوان، قد اتفق معك ولكن قبل ان نعرف لماذا اخترت هذه المقدمة علينا توضيح ونقاش تطور شبكة الانترنت بين اجيالها الثلاثة، وكيف استفادت الشركات من كل جيل، بالإضافة الى تفاعل المستخدم ضمن كل منها.
الويب 1.0
الويب 1.0 هو التسمية التي أطلقت على شبكة الانترنت بين 1991 و2004 تقريباً، ويعد هذا الجيل الأول من الانترنت حيث تتصف مواقع هذا الجيل:
1. بنية ثابتة للموقع
2. عدم وجود تفاعل بين المستخدم والموقع
3. تعديل محتويات الموقع بحاجة الى التعديل على الكود البرمجي الخاص به
الويب 2.0
الويب 2.0 هو شكل الانترنت الذي نستخدمه اليوم، لعل التفاعل بين المستخدم والموقع وديناميكية إضافة البيانات للمواقع هو الثورة الحقيقة التي فرضها هذا الشكل من الانترنت متفوقاً على الشكل السابق.
كما ان المشاركة في تطوير هذا الجيل من الانترنت لا تحتاج الى مطورين فقط، لا يجب أن تكون مطور او مبرمج او مهندس شبكات حتى تساهم في تطوير الانترنت من جيل ويب 2.0، انت بحاجة لان تكون شخص ذو فكر ابداعي قادر على المشاركة في انشاء المحتوى بأنواعه المكتوبة والمسموعة والمرئية، وحتى إن لم تكن مبدعاً فيمكن أن تكون مشارك في تحفيز ابداع الاخرين عن طريق دعمهم والتفاعل معهم ومع المحتوى الخاص بهم ولذلك تحاول الكثير من الشركات الاستفادة من مزايا الويب 2.0 حيث تشترك جميع الشركات في دورة عملها التي تتبع:
1. انتاج تطبيق او موقع
2. التسويق للتطبيق وتشجيع الأشخاص للانضمام والاستفادة من الخدمات المقدمة
3. إدارة التطبيق بالأسلوب الذي يحافظ على استمرارية التفاعل عليه وتمييز المستخدمين وفق تفاعل كل منهم داخل البيئة الرقمية للتطبيق
هنا نجد أن الشركات أمام عدة خيارات لزيادة تمويل التطبيق في حال كان تطبيق او موقع خدمي وليس تجاري
الخيار الأول: هو إيجاد اشتراكات مدفوعة مقابل خدمات إضافية
الخيار الثاني: طرح الإعلانات ضمن التطبيق
الخيار الثالث: تسييل البيانات..
تسييل؟؟
تسييل البيانات او تسريبها هو ما يجعل أي مستخدم سلعة ضمن البيئة الافتراضية التي يقضي أغلب وقته ضمنها
تسريب البيانات والامن ضمن بيئة الويب 2.0
من منا لم يسمع او يقرأ او يشاهد فضائح ويكيليكس، تم استخدام الانترنت لتسريب ونشر مجموعة من المستندات التي تضر بمصالح دول وشركات كبرى بشكل شبه مجاني عبر استخدام شبكة ويب 2.0، كما اننا نسمع يومياً عن تسريب بيانات المستخدمين من مواقع الانترنت.
الحالة الأولى كان التسريب مقصود والحالة الثانية تقبل وجهي التأويل " أن يكون التسريب مقصود، او تم اختراق الموقع وتسريب بياناته لأسباب مجهولة بالنسبة لنا كمستخدمين"
يهدف تسريب البيانات الى إيجاد حالة من الضغط على الشركات لشراء منتجات امنية معينة او تسليم بيانات معينة لجهات خاصة او بيع هذه البيانات الى الشركات التي تعمل ضمن مجالات التسويق من اجل استهداف الزبائن والحصول على معلومات الشراء الخاصة بهم.
هذه التهديدات وغيرها للخصوصية والمعلومات سببها الأساسي وجود سلطة مركزية متحكمة بكل جزء من الانترنت ضمن شبكة الجيل 2.0 سواء كانت حكومات الدول او شركات تزويد الخدمة.
وهذا هو التطوير الأساسي الذي سنشاهده ضمن الجيل الجديد أو شبكة انترنت الويب 3.0
مصدر الصورة: https://messari.io/article/web3-eli5-what-is-web3
ويب 3.0
تعرفنا على شبكة ويب 2.0، في حال جعلنا هذه الشبكة لامركزية سنكون حققنا الشرط الأول من شروط الويب 3.0، كما أن هناك مزايا أخرى أهمها:
· قابلية التحقق من المستخدم
· التحكم الذاتي بالشبكة
· الغاء الأطراف الثالثة third-party بسبب الخاصية الأولى
· وسائل الدفع المبنية ضمن أساس الشبكة
في شبكات ويب 3.0 لا يعتمد المطورون على نشر تطبيقاتهم باستخدام مخدم "سيرفر" مركزي، بل يتم نشر التطبيق وفق ما يعرف باسم "بلوك تشين" وهي باختصار مجموعة من المخدمات الموزعة ضمن شبكة لامركزية مكونة من جهازين أو أكثر تعمل على تشغيل التطبيق بشكل موزع DAPP.
من أجل تحقيق استقرار هذه الشبكة يتم الاعتماد على المطورين أنفسهم لتقديم خدمات مستقرة للمستخدمين دون الحاجة الى انشاء مواثيق سلطات مركزية لإدارة الخدمة.
بعد ان تحدثنا عن بعض التطويرات التي نقلت الويب 2.0 ليصبح ويب 3.0، يجب أن نطرح السؤال الذي يشغل الناس حالياً، ما مدى التشابه بين الويب 3.0 والعملات المشفرة؟ وما هو الارتباط بينهما؟
حلت العملات المشفرة مكان مزود الخدمة ضمن الجيل 2.0، حيث أنها تقدم للمطورين والمستخدمين مجموعة من الرموز "tokens" للمساهمة في انشاء وإدارة مشاريعهم ضمن الويب 3.0 حيث توفر خدمات مثل الحوسبة والتخزين وعرض النطاق الترددي والاستضافة وخدمات الويب الأخرى التي قدمها مزودو الخدمة الماضي.
يتم دفع الأموال في الويب 3.0 مقابل هذه الخدمات ولكن بدلاً من ذهاب هذه الأموال الى شركات الخدمات يتم تحويلها بشكل مباشر الى المستخدمين وهنا تم الغاء الطرف الثالث بعد انعدام سبب وجوده.
اذاً وجود طرق الدفع الجديدة والغاء وجود الوسطاء سيؤثر بشكل مباشر على طريقة بناء الشركات ضمن شبكة ويب 3.0 وسيتم بناء الشركات وفق منهجيات جديدة:
لنأخذ على سبيل المثال، الشكل الحالي لبناء شركة برمجيات،
· تبدأ الشركة بفكرة لدى أحد الأشخاص
· لبناء الفكرة نحن بحاجة الى جمع بعض المال
· لجمع المال يبحثون عن مستثمر يأخذون منه المال مقابل التخلي عن بعض الأسهم لصالحه
· وجود هذا المال سيؤثر على سير المشروع بشكل سلبي بسبب طلب المستثمر ربح مبكر
· في حال نجاح الشركة سوف يستغرق أي من المشاركين وقتاً طويلاً للحصول على عائد حقيقي من الاستثمار
لنتخيل سيناريو آخر:
· تم الإعلان عن مشروع جديد، يحقق فائدة حقيقة للمجتمع
· تم طرح الفكرة لمشاركة الجميع في بناء المشروع والاستثمار فيه من اليوم الأول
· يتم طرح عدد x من الرموز ويتم منح 10% للمستثمرين الأوائل و10% للجمهور الاخر وتخصيص الباقي للدفع المستقبلي للمساهمين وتمويل المشروع.
· يمكن استخدام الرموز للتصويت على مستقبل المشروع واتخاذ القرار ضمن عملية سيره
· يمكن الشراء والتملك ضمن المشروع عبر الرموز ويمكن بيع الحصص باستخدامها
بسبب وجود الشفافية ضمن تقنية بلوك تشين التي استخدمت لبناء ويب 3.0 تبقى جميع البيانات عامة ومفتوحة حيث يتمتع المشتري والبائع بمعلومات شاملة لكل ما يحدث على عكس الحالة التقليدية التي تعتمد فيها الشركات على إخفاء الكثير من الأمور بسرية.
أي ان الهدف من بناء مجتمع الويب 3.0 هو تحرير المستخدمين من تحكم الشركات ومزودي الخدمات ومدراء التطبيقات والمواقع وزيادة امان البيانات عبر اختيار المستخدمين ما يتم كشفه من بياناتهم وعدم إمكانية تسريب أي بيانات وبيعها حيث ان البيانات مكشوفة للجميع وبناء المجتمع هو مساهمة للكل سواء مجتمع المطورين ومجتمع المستخدمين.
يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق