قصة سيدنا يوسف علية السلام بنظرة تحليلية
وهكذا وصل خبر امرأة العزيز وفتاها الى أسماع النساء من زوجات وبنات الطبقة العليا فاستمعوا إليه في دهشة
لا يكدن يصدقونه ولكن الأخبار توالت تتحدث عن أن المرأة المفتونة لا تزال سادرة في غيها تلاحق الفتى بحبها وتصر على أن يضاجعها
بعد كل ما حدث ضاربة عرض الحائط بمشاعر زوجها لا يهمها ما قد يصيب سمعته أو عمله كوزير كبير
فأخذن كلما التقينا يتهامسن قائلات ( ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ تُرَٲوِدُ فَتَٮٰهَا عَن نَّفۡسِهِۦ ).
( وَقَالَ نِسۡوَةٌ۬ فِى ٱلۡمَدِينَةِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ تُرَٲوِدُ فَتَٮٰهَا عَن نَّفۡسِهِۦۖ قَدۡ شَغَفَهَا حُبًّاۖ إِنَّا لَنَرَٮٰهَا فِى ضَلَـٰلٍ۬ مُّبِينٍ۬ )
فكلمة تراود هو فعل المضارع الدال على الاستمرار فتلقفتها فى لهفة وتناقلتها فى شماتة وتشف في المرأة التي يضمرن لها كل المشاعر
غير الطيبة من كراهية وحسد وحقد وغيرة
وبطبيعة الحال فإن فضيحتها مع فتاها الذي اذلها برفضه لما دعته إليه كانت فرصة لا تعوض بالنسبة للنساء لكي يسخرن منها وينددون بتصرفها متظاهرات باستنكار فعلتها الشنعاء التي ربما أعتبرنها من أن المحبوب المتمرد كان عبدا للمرأة وليس حرا مثلها.
وتبلغ دقة القرآن الكريم أقصاها حين أطلق على ما رددته النساء عن امرأة العزيز وصف المكر يعنى أنهن إنما قصدنا استفزازها لكي يدفعنها إلى تبرير ما فعلته فتريهم الشاب الذي شغفت به حبا حتى يلتمسن لها العذر.
وكذلك قولهن ( إِنَّا لَنَرَٮٰهَا فِى ضَلَـٰلٍ۬ مُّبِينٍ۬ ) كما إستخدام القران لكلمة ( نِسۡوَةٌ۬ ) إنما قصد به بيان أن عددهن كان قليلا وسمعت امرأة العزيز بما قالته النسوة
وغالبا من إحداهن التي تظاهرت بإستنكار ما قالت أنها سمعته منهن خاصا بإمرأة العزيز فلم تصدقه وهى الطريقة الماكرة التي كثيرا ما تلجأ اليها النساء
إن هن أردن أن يتأكدن من أيصال الخبر بعلم صحبتهن مباشرة وبصورة معينة مثلا ( كالماشطة وغيرهن ) التي لهن مكانة خاصة.
تتميز على مكانة الخدم ( التروايح عن السيدات بالحكايات المرحة وشغل أوقات فراغهن بالنميمة والقيل والقال )
والتقطت امرأة العزيز الطعم فأرسلت الى النسوة تدعوهن للحضور إلى قصرها دون أن تبين لهن سبب الدعوة
وكأنها أرادت أن توهمهن بأنها ستشرح لهن موقفها مما حدث في محاولة منها لنفى التهمة عن نفسها
وقبل أن يحضرن قامت بإعداد المكان الذي سيجلسن فيه وزودته بوسائد فاخرة تجعل الشخص في حالة استرخاء وامامهن الفاكهة التي اختارت منها نوعا يحتاج إلى سكين لتقطيعة حتى يتمكن الشخص من أكلة جزءا فجزءا بالنظر إلى كبر حجم الثمرة.
وقدرت المرأة الماكرة أن النساء يستخدمن إحدى يديهما في القبض على الثمرة ويستخدمن الاخرى في الإمساك بالسكين لتقطيعها
فاذا كن مسترخيات متكئات على الوسائد فإنه لا بد ان يكون اتكاؤهن على شقهن الأيسر مع الارتكاز على المرفق وليس على الشق الأيمن
حيث يأكلن باليد اليمنى واختيار هذا الوضع لكى تتخذة النسوة أثناء وجودهن عندها يدل على ما كانت هذه المرأة الشريرة
تتمتع به من الذكاء الشديد وقدرة فائقة على التدبير والكيد فقد أرادت أن تكون الثمرة فوق الكف شبة رأسية والسكين فوقها
حتى إذا حدث أدنى خلل في هذا الوضع كأن اضطربت المرأة أو أرتعش جسمها أو اختلى لأى سبب
فان ذلك سيؤدي الى انحراف السكين عن الثمرة الى ما يجاورها من اليد فتقطعه.
وكذلك إذا رأت النسوة ما يستدعى النهوض المفاجئ فأنهن سيرتكزن بقوة على السكين وهي فوق الثمرة فيؤدى الضغط الشديد الى اختراق السكين لها حتى تشقها وتصل إلى اليد فتقطعها ولم تفطن النسوة إلى هذا التدبير الشيطاني بينما طافت هي بهن تعطى كل واحدة منهن سكينا لتقطع بة الفاكهة الشهية
وربما التي كان وجودها نادرا او قليلا ودعتهن ضاحكة لكى يبادرن الى تناولها وهى تزينها لهن حتى يركزن انتباهن فيها
فأنشغلن بها ضاحكات مسرورات ليفأجان بها تأمر شخصا ما قائلة : ( ٱخۡرُجۡ عَلَيۡہِنَّۖ ) وللكلمه هذة تفسير
عندما يرتبط كلمه خرج بحرف جر ٠٠٠ خرج الى ٠٠٠٠خرج عن ٠٠٠٠ خرج علي ٠٠٠ خرج من ٠٠٠ خرج فى ٠٠٠٠
ففى كل مرة يفيد معنى الخروج ولكن بطريقه معينه. أو بشعور معين ٠٠٠٠ او وقت معين ٠ ٠٠٠او لشئ معين ٠٠٠
فخرج الى يفيد الخروج من غير نية إظهار شيء غريب او عجيب فهى تستخدم مع الأشياء المألوفة المتكررة التى لا تحتاج الى كثير الى تجهيزواستعداد .
ومنها ٠٠٠ خرج الى المسجد ٠٠٠ خرج الى السوق٠٠٠٠ خرج الى لقاء فلان فهى تعبر الى اللقاء الودى العادى التقليدى ٠
اما خرج على ٠٠٠٠فيها نوع من النية على إظهار شي مخالف للعرف والعادة والمألوف وفيه نوع من التمرد والتكبر ورفض الواقع الموجود ونيه كبت شيء معين
فلا اقول مثلا : خرج على المدرسه ٠٠٠ أو خرج على السوق
ولكن اقول خرج على أمر الملك خرج عن المألوف ونيه امرأة العزيز هنا ان يرى الحاضرات شيئا عجيبا غريبا غير مألوف
فيه نوع من التمرد على الواقع وفيه تبع الاستعلاء عليهن والجامهن وتغيير ما كان يدور فى اذهانهن
( اخرج عليهن ) لانه كان داخل مخدعه لم يكن معهن داخل بيت المادبه
فجاءت له امرأة العزيز وهو فى غرفته فقالت بحكم المكان الذى هو فيه أخرج وقد يضاف الى هذا شي اخر.
هو ان يوسف عليه السلام من الطاعة والاحترام أنه كان لا يفارق غرفته إلا بأمر سيدته فهو لا يتجول هنا وهناك فراغا او لهوا
أما كلمة ( عليهن ) فقد قلنا لماذا عليهن وليس اليهن ؟؟
فاختصاره أن الخروج لن يكون لقاء ومودة بل خروج تكبر وتعال وتحد للواقع وخروج عن المألوف وخروج على أفكارهن اللاتى تراودهن٠
قائلة : ( ٱخۡرُجۡ عَلَيۡہِنَّۖ )
ان شاء الله نكمل بقيه القصه نسالكم صالح الدعاء
يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق