قصة سيدنا يوسف علية السلام
وتمضى بالحديث مبحرة في المناطق الوعرة مما يحقق الية من محاصرتة بشتى ضروب الاثارة الى ان ينهار امامها وتتلاعب به
كيف شاءت ولو على سبيل شفاء غيظها منه لما أظهره نحوها من لا مبالاة بل اهمال سبب لها آلاما مبرحة وأرق مضجعها ينغص عليها حياتها.
ولكنه لزم الصمت وهو يتجنب النظر اليها وهي على هذه الحال الواضحة في دلالتها على ما تريده مما جعلها ترمقه في دهشة
وهى تتساءل فيما بينها وبين نفسها : من اى مادة خلق هذا الإنسان ؟!
هل هو إنسان حقا ؟! أم مخلوق من عالم آخر ؟
ليس له قلب يخفق للجمال أو شعور يتحرك أمام الأنوثة ويتفاعل مع الفتنة ؟.!
ومع ذلك فقد غالبت ضيقها ولم تفقد الامل في ان تذيب الجليد مستخدمة كل ما تعرفه من أساليب الغواية وفنون الاغراء والاثارة
فأبتسمت له في مودة وكان إهماله لها لم يضايقها وتحركت من مكانها ولكن دون أن تقترب منه كثيرا وبدأت تراوده (
وَرَٰوَدَتْهُ ٱلَّتِى هُوَ فِى بَيْتِهَا
واستخدم كلمة المراودة في هذا المقام انما اريد بة بيان أسلوب المراة في الإيقاع بالرجل فهى ترغب في أن يضاجعها ولكنها لا تصرح لة بهذا.
وإنما تأتى من الحركات والاشارات ما يوحى إليه بما يرغب فيه حتى اذا استجاب بدا
وكأنه هو الذى أراد أن يضاجعها فإما أن توافقه على ما يريد وأما تحاول تأكيد أن الرغبة رغبتة وليست رغبتها فتمتنع وتتردد وفى ذلك
قيل : أن النساء يتمنعن وهن الراغبات وبدأت فتحدثت اليه بصوت خافت خاضع بكلام رقيق ناعم
اقترن بنظرة ساحرة صوبتها إليه من عينيها الوسنانتين ضاعف الكحل المرسوم بعناية من سحرها
وذلك الطلاء الأزرق الذى وضعته على جفنيها أضفى على نظراتها عمقا وغموضا بينما الحمرة تلون وجنتيها لا يعرف منها الناظر
ما إذا كانت طبيعية أم صناعية بينما شفتيها اللتان طلتهم بلون احمر فأما عطرها فقد ملأ المكان ب عبقة.
فكأنه حديقة امتلأت بآلاف الزهور والورود تنبعث منها الروائح فتمتزج وتختلط لتصنع عطرا واحدا فريدا لا عهد للفتى يوسف به حتى ولا هذا القصر فقد استخدمته من أجله هو فقط وضمخت به جسمها كله وضحكت وهى تنظر اليه مقبلة مدبرة ليراها من مختلف الزوايا
تميل تارة وتتتنى أخرى كما لو كانت فراشة هائمة في الغرفة الواسعة الغارقة في العطر والضوء الخافت الذى يتسلل على استحياء من خلال الستائر الرقيقة
بينما هو ينظر إليها في توجس امتزج بالدهشة والحيرة لا يدرى ماذا يفعل وتغاضت هي عن تعبيرات وجهه هذه ورأت أن تضاعف من جرعة الاثارة.
فلا يزال في جعبتها الكثير أخذت تدور وتلف لاهثة ضاحكة تدنو منة حتى تكاد تلمسه ثم تنأى عنه
وهى تستفزه بنظرتها المتسائلة اللائمة المتوسلة ولكنه يتهرب من عينيها ويتململ في مكانة كما لو كان يفكر في الانصراف
وقد ازداد توجسه بل خوفه منها أو من نفسه وستلاحظ هي ذلك فتقطب في قلق ثم تشرد بنظرتها كما لو كانت تفكر في شيء ما وفي رشاقة.
وأثناء اغرائها له تتجه الى الأبواب تغلقها بابا وراء الآخر وفى كل مرة تلقى نحوه بنظرة من فوق كتفها لتري رد فعله
في رمقها في تساءل بينه وبين نفسه ان كانت جادة حقا فيما تفعله ؟ !
ولم يكن يوسف بالغر الذي ليس لدية أدنى فكرة عما يكون بين النساء والرجال فهو منذ ان جئ به الى هذا القصر وهو يسمع ويرى العجب مما يقع بين الرجال والنساء
ولما بلغ الحلم أمسى يمعن النظر فية ينظر بعين عقيدته لا بعين حواسه فأنكره أشد الإنكار فما بالها وهى تريد منه الآن أن يفعل معها ما يبغضه !
وبينما كانت المراة المتواترة تغلق الأبواب أخذت تفكر فيما يجب عليها عمله بعد أن نفدت كل سهامها فيما عدا السهم الأخير
وتأكدت من عدم جدوى المراودة فالفتى لم يبد تجاوبا بحيث يقدم على فعل ما تريده هي أن يفعله فتكون هي المطلوبة لا الطالبة
وبعد أن انتهت من غلق الباب الأخير دارت دورة واسعة وهى تلهث من شدة الانفعال تضحك في مرح عصبي.
وما ان اقتربت منه حتى اندفعت إليه ليفاجأ بها تحيط عنقه بذراعيها و تلصق صدرها بصدرة
وهي تهتف به في خفوت وأنفاسها تلفح وجهه ( هَيۡتَ لَكَۚ ) أي هلم أقبل ومعناها الصريح : هيا ضاجعنى
ولكن القرآن الكريم فضل أستخدام كلمة (هَيۡتَ ) لكى يكون التعبير نزيها راقيا وإن كان لا يشترط أن تكون هي نفسها قد استخدمت نفس العبارة.
- --- ويفاجأ بها يوسف تعانقه وهى تهمس في وجهة بهذه الكلمة او ما في معناها فأنتبه حيرة لم يدر معها ماذا يفعل
- ولكنه سرعان ما تمالك نفسه أمام هذا الموقف الذي لم يسبق له أن واجهة فأمسك بساعديها اللتين مدتهما فوق كتفيه يدفع صدرها عنة
- وهو يشيح بوجهة قائلا (مَعَاذَ ٱللَّهِۖ ) أي اعوذ بالله وأتحصن بة ويضيف قائلا وهو يستجمع قواه ليستمر في ابعادها عنة (إِنَّهُ ۥرَبِّىٓ أَحۡسَنَ مَثۡوَاىَ )
- لقد كان يوسف جميلا
أو كما قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أن الله اختصه بشطر الحسن ) فجمع بذلك بين جمال الخلقة وجمال الاخلاق ولو شاء الله تعالى لاكتفى بالنسبة له بهذا النوع الأخير من الجمال
ولكنه أضاف إليه جمال الخلقة وهو ما لم يفعله مع غيرة من الأنبياء والمقصود بجمال الخلقة.
ليس الوجه فقط بل كل ما يتكون منة جسم الإنسان بما في ذلك الإحساس والشعور والوعي السليم والإدراك الصحيح فضلا عن الرجولة والا لكان ملكاً كريما
كما قالت عنة النسوة ومثلة ليس مكانة الأرض التي نعيش عليها وانما مكانة في السماء مع الملائكة
لقد كان بشرا لا يختلف عن البشر أمثاله إلا في قوة الإرادة وبٌعد النظر والتقدير الصائب للأمور والصلة بالله الذي اصطفاه
واصطفاه الأنبياء من دون خلق الله من حيث أدبهم وعلمهم وآتاهم الحكمة تجعل نظرتهم الى الأمور تختلف عن نظرة غيرهم.
فبالنسبة للزنا --- مثلا --- فإنهم يرون عاقبته الشديدة بوضوح وجلاء بحيث تتضاءل امامها اللذة السريعة التي يوفرها الزنا
وقد أخبر الله تعالى عن حال يوسف من حين بلوغه فقال
(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ۥۤ ءَاتَيۡنَـٰهُ حُكۡمً۬ا وَعِلۡمً۬اۚ ) وعندما قال لها (إِنَّهُ ۥرَبِّىٓ أَحۡسَنَ مَثۡوَاىَ ).
ولكن المرأة العنيدة تغاضت عما يرمي إليه بقولة هذا وأصرت على ان تمضى فيما شرعت فيه
مهما كلفها ذلك من إهدار لكرامتها وحط من مكانتها وهي أبنة الحسب والنسب وزوجة الوزير الكبير فأخذت تعاود
---------------- سوف نكمل ان شاء الله بقية القصة نرجو صالح الدعاء لكاتب المقال
يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق