كيف تصبح الصلاة علاجا لترك العادة السرية ؟!

كيف تصبح الصلاة علاجا لترك العادة السرية ؟! 

 

لا شك أن في المحافظة على الصلوات الخير الكثير إذ هي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر , فلابد من إقامة الصلاة والمحافظة عليها والاستعانة بها لترك كل مكروه , فإن كل مكروه في ترك الصلاة محقق فمن أُبتلي بحب الشهوات ولم يجد سبيلا للخلاص فعليه أن يراجع حساباته مع الصلوات , قال الله تعالي : [فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ] ( مريم :59)  فاتباع الشهوات ناتج لترك الصلوات . 

 

كيف تصبح الصلاة علاجا لترك العادة السرية ؟!
كيف تصبح الصلاة علاجا لترك العادة السرية ؟!

 

 

ورحم الله بن المنذر لما قال المحافظة على الصلاة لها وجوه ذكر منها  :

أحدها: يحفظونها بأركانها وفرائضها ولوازمها وآدابها. 

والثاني: يحفظونها بأسبابها التي جعلت لها من الأوقات والطهارات وستر العورة وغيرها من الأسباب التي لا تقوم الصلاة إلا بها.

والثالث: يحفظونها بالخشوع والوقار وإظهار الذل له والإخلاص، وغير ذلك من الأشياء مما ندب المصلي إليه، وعلى ذلك جميع ما ذكر من الأمانات وغيرها، والله أعلم.

 

هل الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر لكل المصلين ؟

 

قد يقول قائلٌ : إنى أصلى والحمد الله لكن أفعل المعاصي وأعلم بعض الناس يحافظون على الصلاة في المسجد ربما كان من عمار المساجد ودائماً  في الصف الأول لكن نعلم عنه كل سوء ربما كان كذاباً أو لصاً أو مرتشياً , وأشياء من هذا القبيل والعياذ بالله , فكيف لم تنههم صلاتهم عن الفحشاء والمنكر كما قال الله تعالى . 

أُخَيَّ : لا شك أن المراد بالصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر الصلاة الحقيقية كاملة الأركان , والشروط والخشوع والتضرع والتذلل بين يدي الله , منتجة الثمار المرجوة من التذكير بالله تعالى والانتهاء عن الفحشاء والمنكر , ولذلك لأن بعض العباد  لا تكتب له من أجر الصلاة إلا بقدر ما حققه من معانيها ومقاصدها . 

 

وهناك أحاديث كثيرة تدل على أن أجور العباد في الصلاة ليست متساوية بل حكم النبي على المرأة القوامة الصوامة التي تصلى بأنها في النار لأنها كانت تؤذى  جيرانها  بلسانها . 

 

يقول شيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله : الصلاة إذا أتى بها كما أمر نهته عن الفحشاء والمنكر ، وإذا لم تنهه : دل على تضييعه لحقوقها وإن كان مطيعاً ، وقد قال تعالى : ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة )  ( مريم/59) ، وإضاعتها : التفريط في واجباتها وإن  كان يصليها  . انتهى من مجموع الفتاوى (22-6) 

                                                                                  

 

والسؤال الآن يا أحباب كيف تكون الصلاة عوناً لنا على ترك العادة السيئة أو أي معصية أخرى تغضب الرب سبحانه وتعالى ؟

 

انتبه معى إلى قول العلامة بن عثيمين رحمه الله : 

 

تكون عوناً إذا أُتى بها على وجهٍ كاملٍ ، وهي التي يكون فيها حضور القلب ، والقيام بما يجب فيها , أما صلاة غالب الناس اليوم فهي صلاة جوارح لا صلاة قلب ؛ ولهذا تجد الإنسان من حين أن يكبِّر ينفتح عليه أبواب واسعة عظيمة من الهواجس التي لا فائدة منها ؛ ولذلك من حين أن يسلِّم تنجلي عنه وتذهب  , لكن الصلاة الحقيقية التي يشعر الإنسان فيها أنه قائم بين يدي الله ، وأنها روضة فيها من كل ثمرات العبادة : لا بد أن يَسلُ بها عن كل همٍ ؛ لأنه اتصل بالله عزّ وجلّ الذي هو محبوبة ، وأحب شيء إليه ؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( جعلت قرة عيني في الصلاة ) 

 

                                                                                              

أما الإنسان الذي يصلي ليتسلى بها ، لكن قلبه مشغول بغيرها : فهذا لا تكون الصلاة عوناً له ؛ لأنها صلاة ناقصة ؛ فيفوت من آثارها بقدر ما نقص فيها ، كما قال الله تعالى : 

( اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) العنكبوت/45، وكثير من الناس يدخل في الصلاة ويخرج منها لا يجد أن قلبه تغير من حيث الفحشاء والمنكر ، هو على ما هو عليه، ؛ لا لانَ قلبه لِذِكرٍ ،    ولا تحوَّل إلي محبة العبادة . 

انتهي من تفسير سورة البقرة(1/165,164) وينظر : " اللقاء الشهري "   للشيخ ابن عثيمين رحمه الله (1/سؤال رقم/17)    

ولا شك أن فعل العادة سبب كبير لترك الصلاة الواجبة وذلك لأن العبد عندما قصر مرةً في صلاة الفجر ولم يعاقب نفسه ولم ينهها عن تقصيرها وقعت مرات . 

 

فترك صلاه الفجر مع الجماعة .. آه.. حقا إنه الضياع ثم تكاسل عن صلاة العشاء فتركها مع المصلين في المسجد ..

آه.. يا مسلمون : لقد تحقق عنده صفة من صفات  المنافقين . 

ثم ترك الصلاة بالكلية وما شعر المسكين وما ندم وما هذا إلا لأنه أسير لعادة سيئة  خبيثة مهلكة  ولا حول ولا قوه إلا بالله . 

 

وربما يمارس المسلم العادة قبل الصلاة بقليل فتضيع الصلاة الواجبة ولم يستطع الاغتسال لكي يصلى إما لأن الوقت قد ضاق أو لأنه أصابه ما تصيبه العادة بعد الانتهاء منها من اليأس والإحباط والتعب النفسي والرغبة في النوم والبعد عن الخلق . 

 

وفي نفس الوقت فإن لشيطان ولا شك دورٌ كبيرٌ إذ  يخبرك بكل مكرٍ بأنك عاصٍ وأنك مجرم وأن الله لن يغفر لك ! وأنك لن تستطيع الخلاص من هذه العادة الخبيثة ! فأنت ضعيف ولن تتركها وسوف تصبح حياتك ملل طيلة عمرك إلى آخره حتى يقع في قلبك اليأس من رحمه الله وهى صفة من صفات الكافرين كما أخبر ربنا العظيم في كتابه الكريم [إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ  ] ( يوسف : 87 ) 

 

والمراد بالروح كما جاء في تفسير بن كثير أي :

إِنَّهُ لا يَيْأَسُ ولا يقنط مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ومن كمال قدرته وسعة جوده ورحمته إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ ولَا يَقْطَعُوا رَجَاءَهُمْ وَأَمَلَهُمْ مِنَ اللَّهِ فِيمَا يَرُومُونَهُ وَيَقْصِدُونَهُ   فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ الرَّجَاءَ، وَيَقْطَعُ الْإِيَاسَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ  . 

 

علمت أخي .. لَحَظْتِي أختي ما هو  مراد الشيطان منا ؟

 

هل يريد أن نسمع الأغاني!!!!! أم يريد التبرج !!!! أم يريد فقد الحياء في مجتمعنا !!!!! أم يريد التقصير في الصلوات !! أم يريد عقوق الوالدين!!.. قرائي الأعزاء لا , لا يا أخواتي إن مراد الشيطان لهو أكبر من ذلك جداً  , إنه يريد لنا الكفر نعم الشرك بالله إنه يريد القلب ..ملك الجوارح وسيدها  لماذا , لماذا ؟؟ لان ربنا  يغفر كل شيء إلا  أن  يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء , كما أن ميزان العباد يكون بالمضغة التي إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله .

 

نعم يريد لنا الخلود في النار وهل بعدها شيء أضر.. اللهم أننا نعوذ بك من  النار وما قرب إليها من قول وعمل , اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلم  اللهم آمين .

 

لا شك وأن العبد العاصي المقصر لا يريد أن يقع في الشرك بأي حالٍ من الأحوال لا يريد أن يحرم الله عليه الجنة الفوز الكبير بسبب الشرك ,  بل ربما يريد الفردوس الأعلى فما بالك بالعبد الصالح العفيف . 

 

وكتبه :  عمر عرفات

أعجبك المقال , قم بالان بالاشتراك في النشرة البريدية للتوصل بالمزيد

التعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق

مقالات مشابة
عن الناشر

كاتب ، ماجستير في الحقوق.

مقالات حالية
أبريل 18, 2024, 10:49 ص عبدالرحمن
مارس 30, 2024, 2:32 م Shady Shaker
مارس 27, 2024, 1:58 ص نوره محمد
فبراير 28, 2024, 11:35 ص بسيونى كشك
فبراير 28, 2024, 11:31 ص بسيونى كشك
فبراير 28, 2024, 11:25 ص بسيونى كشك
فبراير 22, 2024, 7:36 م بسيونى كشك
فبراير 21, 2024, 9:31 م بسيونى كشك